موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الخميس، 19 أبريل 2012

الأجوبة الشرعية على الأسئلة الشامية (15) حول الطائفة الممتنعة


الأجوبة الشرعية على الأسئلة الشامية (15)
حول الطائفة الممتنعة
رضوان محمود نموس
وردني مجموعة أسئلة حول الطائفة الممتنعة وكون الأسئلة كثيرة سأجاوب عليها إن شاء الله على حلقات:
السلام عليكم شيخنا رضوان هذه هي أسئلتي...
قرأت عدة مقالات عن الطائفة الممتنعة ومنها مقالتك ولدي عدة أسئلة عن الطائفة الممتنعة وكفر الدول وهي كالأتي:
1- ما الفرق بين الحركة والحكومة والدولة والنظام (مثلا حركة حماس وحكومة حماس)
2- متى نقول بأن الطائفة الممتنعة هي طائفة مرتدة ومتى تكون من جنس قطاع الطريق والخوارج 
3- متى يصبح قتال الطائفة الممتنعة قتال دفع ومتى يكون قتال طلب

أقول وبالله التوفيق لا بد أولاً من التمييز بين

1-           الطائفة الممتنعة.
2-           الطائفة الممتنعة عن تطبيق الشرائع
فيقصد بالطائفة الممتنعة؛ أيِّ مجموعة من الناس, تعاونت وتكاتفت ومنع بعضها بعضا,ً حتى أصبح لهم منعة, بغض النظر عن عقائد المجموعة وهل هي صالحة أو طالحة.
ولقد قرر العلماء: أن حكم الطائفة الممتنعة واحد, سواء كان الحكم إيجابياً, أو سلبياً, أي لهم أو عليهم.
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى: [فأعوان الطائفة الممتنعة وأنصارها منها فيما لهم وعليهم]([1]).
وقال: [فأعوان الطائفة الممتنعة, وأنصارها, منها فيما لهم وعليهم]([2]).
وقال: [وإذا كان المحاربون الحرامية جماعة فالواحد منهم باشر القتل بنفسه والباقون له أعوان وردء له فقد قيل إنه يقتل المباشر فقط والجمهور على أن الجميع يقتلون ولو كانوا مائة وأن الردء والمباشر سواء. وهذا هو المأثور عن الخلفاء الراشدين فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل ربيئة المحاربين والربيئة هو الناظر الذي يجلس على مكان عال ينظر منه لهم من يجيء ولأن المباشر إنما يمكن من قتله بقوة الردء ومعونته والطائفة إذا انتصر بعضها ببعض حتى صاروا ممتنعين فهم مشتركون في الثواب والعقاب كالمجاهدين فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم ويرد متسريهم على قعدهم يعني أن جيش المسلمين إذا تسرت منه سرية فغنمت مالا فإن الجيش يشاركها فيما غنمت لأنها بظهره وقوته تمكنت ولكن تنفل عنه نفلا فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفل السرية إذا كانوا في بدايتهم الربع بعد الخمس فإذا رجعوا إلى أوطانهم وتسرت سرية نفلهم الثلث بعد الخمس وكذلك لو غنم الجيش غنيمة شاركته السرية لأنها في مصلحة الجيش كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم لطلحة والزبير يوم بدر لأنه كان قد بعثهما في مصلحة الجيش فأعوان الطائفة الممتنعة وأنصارها منها فيما لهم وعليهم]([3]).

وقال: [والطائفة إذا انتصر بعضها ببعض حتى صاروا ممتنعين فهم مشتركون في الثواب والعقاب كالمجاهدين.... لأن الطائفة الواحدة الممتنع بعضها ببعض كالشخص الواحد]([4]).
وقال ابن مفلح: [الطَّائِفَةَ الْمُمْتَنِعَةَ كَشَخْصٍ وَاحِدٍ فِيمَا أَتْلَفُوهُ]([5]) .
ويلحق بالطائفة الممتنعة الطائفة المتمالئة على عمل ما أو قل المتعاونة المتفقة على عمل ما.
ومثال ذلك: جماعة تمالأت على فعل شر أو قتل إنسان فكلهم لهم نفس الجريمة المباشر والمساعد والراضي بذلك. وقد جاء في الآثار الصحيحة عن عمر رضي الله عنه أنه قتل عدة أشخاص بشخص والقصة كما جاء في الفتح هي:  [وَهَذَا الأَثَرُ مَوْصُولٌ إِلَى عُمَرَ بِأَصَحِّ إِسْنَادٍ وَقد أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ نَافِعٍ وَلَفْظُهُ أَنَّ عُمَرَ قَتَلَ سَبْعَةً مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ بِرَجُلٍ إِلَخْ وَأَخْرَجَهُ الْمُوَطَّأُ بِسَنَدٍ آخَرَ قَالَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ قَتَلَ خَمْسَةً أَوْ سِتَّةً بِرَجُلٍ قَتَلُوهُ غِيلَةً وَقَالَ لَوْ تَمَالأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ جَمِيعًا وَرِوَايَةُ نَافِعٍ أَوْصَلُ وَأَوْضَحُ وَقَوْلُهُ تَمَالأَ بِهَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَ اللامُ وَمَعْنَاهُ تَوَافَقَ وَالأَثَرُ مَعَ ذَلِكَ مُخْتَصَرٌ مِنَ الَّذِي بَعْدَهُ قَوْلُهُ وَقَالَ مُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ إِلَخْ هُوَ مُخْتَصر من الأَثر الَّذِي وَصله بن وَهْبٍ وَمِنْ طَرِيقِهِ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ وَالطَّحَاوِيُّ وَالْبَيْهَقِيّ قَالَ بن وَهْبٍ حَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ حَكِيمٍ الصَّنْعَانِيَّ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ امْرَأَةً بِصَنْعَاءَ غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَتَرَكَ فِي حِجْرِهَا ابْنًا لَهُ مِنْ غَيْرِهَا غُلامًا يُقَالُ لَهُ أُصَيْلٌ فَاتَّخَذَتِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ زَوْجِهَا خَلِيلا فَقَالَتْ لَهُ إِنَّ هَذَا الْغُلامَ يَفْضَحُنَا فَاقْتُلْهُ فَأَبَى فَامْتَنَعَتْ مِنْهُ فَطَاوَعَهَا فَاجْتَمَعَ عَلَى قَتْلِ الْغُلامِ الرَّجُلُ وَرَجُلٌ آخَرُ وَالْمَرْأَةُ وَخَادِمُهَا فَقَتَلُوهُ ثُمَّ قَطَّعُوهُ أَعْضَاءً وَجَعَلُوهُ فِي عَيْبَةٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ هِيَ وِعَاءٌ مِنْ أَدَمٍ فَطَرَحُوهُ فِي رَكِيَّةٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ هِيَ الْبِئْرُ الَّتِي لَمْ تَطْوَ فِي نَاحِيَةِ الْقَرْيَةِ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَفِيهِ فَأُخِذَ خَلِيلُهَا فَاعْتَرَفَ ثُمَّ اعْتَرَفَ الْبَاقُونَ فَكَتَبَ يَعْلَى وَهُوَ يَوْمئِذٍ أَمِيرٌ بِشَأْنِهِمْ إِلَى عُمَرَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ بِقَتْلِهِمْ جَمِيعًا وَقَالَ وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ أَهْلَ صَنْعَاءَ اشْتَرَكُوا فِي قَتْلِهِ لَقَتَلْتُهُمْ أَجْمَعِينَ]([6])
ومثال التعاون على الخير مثلاً جمعية خيرية تجمع من الناس وتوزع على الفقراء والمسكين من المسلمين فالجامع والمرتب والمعبئ والموزع والداعي شركاء في الأجر ولهم نفس حكم الفضيلة والأجر.
قول الله تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا). لأن الرضا بالكفر كفر، وعلى هذا استدل العلماء بأن الراضي بالذنب كفاعله،
وقضية أن الرضى بالكفر كفر هو محل إجماع العلماء لأن المتعاونين على شيء هم راضون به فإن كان خيراً فلهم جميعاً وإن كان شراً فعليهم جميعاً
وقال صلى الله عليه وسلم: "الدال على الخير كفاعله". [صحيح الجامع: 3399]
وقال الإمام ابن تيمية : [وهذا لأن الطوائف الممتنعة التي يعين بعضها بعضا في القتال ثم يكون الضمان فيها على الذي يباشر القتال والأخذ و الإتلاف وعلى الردء  الذي يعينه عند جمهور العلماء ولهذا كان في مذهب الجمهور أن قطاع الطريق يقتل منهم الردء والمباشر وعمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل ربيئة المحاربين وهو الناظر الذي ينظر لهم الطريق فالمتعاونون على الظلم والعدوان تجب عليهم العقوبة بالضمان وغيره]([7]).
أما الطائفة الممتنعة عن تطبيق الشرائع فهي طائفة ممتنعة أيٍّ كان شكلها حزب أو دولة أو جماعة أو إمارة ...الخ وهي ممتنعة عن تطبيق شريعة أو عدة شرائع من شرائع الإسلام وهذا في الناس الذين تدينوا بالإسلام ولا يشمل الكفار الأصليين لأن مثل هؤلاء الأصل مخاطبتهم بأصل دعوة التوحيد والرأي الراجح أنهم غير مخاطبين بالفروع فلا نقول أن الروس مثلا ممتنعين عن الآذان أو عن صلاة الجمعة فأصل الروس كفار ويدعون إلى الإسلام فإن أسلموا يدعون إلى تطبيق الشرائع.
 [عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ: " إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ فَقُلْ لَهُمْ: أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَإِنْ أَجَابُوكَ بِذَلِكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ أَطَاعُوكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَإِيَّاكَ وَدَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهَا دُونَ اللَّهِ حِجَابٌ "]([8]).
ثم بيين الإمام رحمه الله أن الطائفة الممتنعة إذا امتنعت عن تطبيق بعض الشرائع تقاتل قتال المرتدين فقال:
[فثبت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة أنه يقاتل من خرج عن شريعة الإسلام وإن تكلم بالشهادتين وقد اختلف الفقهاء في الطائفة الممتنعة لو تركت السنة الراتبة كركعتي الفجر هل يجوز قتالها على قولين فأما الواجبات والمحرمات الظاهرة والمستفيضة فيقاتل عليها بالاتفاق حتى يلتزموا أن يقيموا الصلوات المكتوبات ويؤدوا الزكاة ويصوموا شهر رمضان ويحجوا البيت ويلتزموا ترك المحرمات من نكاح الأخوات وأكل الخبائث والاعتداء على المسلمين في النفوس والأموال ونحو ذلك وقتال هؤلاء واجب ابتداء بعد بلوغ دعوة النبي صلى الله عليه وسلم إليهم بها يقاتلون عليه فأما إذا بدؤوا المسلمين فيتأكد قتالهم كما ذكرناه في قتال الممتنعين من المعتدين قطاع الطرق وأبلغ الجهاد الواجب للكفار والممتنعين عن بعض الشرائع كمانعي الزكاة والخوارج ونحوهم يجب ابتداء ودفعا فإذا كان ابتداء فهو فرض على الكفاية إذا قام به البعض سقط الفرض عن الباقين وكان الفضل لمن قام به كما قال الله تعالى لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر فأما إذا أراد العدو الهجوم على المسلمين فإنه يصير دفعه واجبا على المقصودين كلهم وعلى غير المقصودين لإعانتهم كما قال الله تعالى وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق وكما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنصر المسلم وسواء أكان الرجل من المرتزقة للقتال أو لم يكن وهذا يجب بحسب الإمكان على كل أحد بنفسه وماله مع القلة والكثرة والمشي والركوب]([9]).
  وقال:[فقالوا نحن ملتزمون الكتاب والسنة أتنكر علينا غير الأطواق؟ نحن نخلعها فقلت الأطواق وغير الأطواق ليس المقصود شيئا معينا وإنما المقصود أن يكون جميع المسلمين تحت طاعة الله ورسوله فقال الأمير فأي شيء الذي يلزمهم من الكتاب والسنة فقلت حكم الكتاب والسنة كثير لا يمكن ذكره في هذا المجلس لكن المقصود أن يلتزموا هذا التزاما عاما ومن خرج عنه ضربت عنقه وكرر ذلك وأشار بيده إلى ناحية الميدان وكان المقصود أن يكون هذا حكما عاما في حق جميع الناس فإن هذا مشهد عام مشهور قد توفرت الهمم عليه فيتقرر عند المقاتلة وأهل الديوان والعلماء والعباد وهؤلاء وولاة الأمور أنه من خرج عن الكتاب والسنة ضربت عنقه]([10]).
وقال: [فكل من امتنع من أهل الشوكة عن الدخول في طاعة الله ورسوله فقد حارب الله ورسوله ومن عمل في الأرض بغير كتاب الله وسنة رسوله فقد سعى في الأرض فسادا ولهذا تأول السلف هذه الآية على الكفار وعلى أهل القبلة حتى أدخل عامة الأئمة فيها قطاع الطريق الذين يشهرون السلاح لمجرد اخذ الأموال وجعلوهم بأخذ أموال الناس بالقتال محاربين لله ورسوله ساعين في الأرض فسادا وإن كانوا يعتقدون تحريم ما فعلوه ويقرون بالإيمان بالله ورسوله فالذي يعتقد حل دماء المسلمين وأموالهم ويستحل قتالهم أولى بأن يكون محاربا لله ورسوله ساعيا في الأرض فسادا من هؤلاء كما أن الكافر الحربي الذي يستحل دماء المسلمين وأموالهم ويرى جواز قتالهم أولى بالمحاربة من الفاسق الذي يعتقد تحريم ذلك وكذلك المبتدع الذي خرج عن بعض شريعة رسول الله وسنته واستحل دماء المسلمين المتمسكين بسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وشريعته وأموالهم هو أولى بالمحاربة من الفاسق وان اتخذ ذلك دينا يتقرب به إلى الله كما أن اليهود والنصارى تتخذ محاربة المسلمين دينا تتقرب به إلى الله ولهذا اتفق أئمة الإسلام على أن هذه البدع المغلظة شر من الذنوب التي يعتقد أصحابها أنها ذنوب وبذلك مضت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم]([11]).
  وقال: [فالقتال واجب فأيما طائفة امتنعت من بعض الصلوات المفروضات أو الصيام أو الحج أو عن التزام تحريم الدماء والأموال والخمر والزنا والميسر أو عن نكاح ذوات المحارم أو عن التزام جهاد الكفار أو ضرب الجزية على أهل الكتاب وغير ذلك من واجبات الدين ومحرماته التي لا عذر لأحد في جحودها وتركها التي يكفر الجاحد لوجوبها فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها وإن كانت مقرة بها وهذا مما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء وإنما اختلف الفقهاء في الطائفة الممتنعة إذا أصرت على ترك بعض السنن كركعتي الفجر والأذان والإقامة عند من لا يقول بوجوبها ونحو ذلك من الشعائر هل تقاتل الطائفة الممتنعة على تركها أم لا فأما الواجبات والمحرمات المذكورة ونحوها فلا خلاف في القتال عليها]([12])
وقال: [مثل الطائفة الممتنعة عن الصلوات الخمس أو عن أداء الزكاة المفروضة إلى الأصناف الثمانية التي سماها الله تعالى في كتابه أو عن صيام شهر رمضان أو الذين لا يمتنعون عن سفك دماء المسلمين وأخذ أموالهم أو لا يتحاكمون بينهم بالشرع الذي بعث الله به رسوله كما قال أبو بكر الصديق وسائر الصحابة رضي الله عنهم في مانعي الزكاة وكما قاتل علي ابن أبى طالب وأصحاب النبي الخوارج الذين قال فيهم النبي يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة وذلك بقوله تعالى وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله وبقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فان لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله والربا آخر ما حرمه الله ورسوله فكيف بما هو أعظم تحريما ويدعون قبل القتال إلى التزام شرائع الإسلام فان التزموها استوثق منهم ولم يكتف منهم بمجرد الكلام كما فعل أبو بكر بمن قاتلهم بعد أن أذلهم وقال اختاروا إما الحرب المجلية وإما السلم المخزية فقالوا هذه الحرب المجلية قد عرفناها فما السلم المخزية قال تشهدون أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار وننزع منكم الكراع يعني الخيل والسلاح حتى يرى خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون أمرا بعد فهكذا الواجب في مثل هؤلاء إذا اظهروا الطاعة يرسل إليهم من يعلمهم شرائع الإسلام ويقيم بهم الصلوات وما ينتفعون به من شرائع الإسلام وإما أن يستخدم بعض المطيعين منهم في جند المسلمين ويجعلهم في جماعة المسلمين وإما بأن ينزع منهم السلاح الذي يقاتلون به ويمنعون من ركوب الخيل وإما أنهم يضعوه حتى يستقيموا وإما أن يقتل الممتنع منهم من التزام الشريعة وان لم يستجيبوا لله ولرسوله وجب قتالهم حتى يلتزموا شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة وهذه متفق عليه بين علماء المسلمين والله أعلم]([13]).  
و[سئل رحمه الله عن أجناد يمتنعون عن قتال التتار ويقولون أن فيهم من يخرج مكرها معهم وإذا هرب أحدهم هل يتبع أم لا الجواب الحمد لله رب العالمين  قتال التتار الذين قدموا إلى بلاد الشام واجب بالكتاب والسنة فإن الله يقول في القرآن  وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله البقرة  193 والدين هو الطاعة فإذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله وجب القتال حتى يكون الدين كله لله ولهذا قال الله تعالى  يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله البقرة  279 وهذه الآية نزلت في أهل الطائف لما دخلوا في الإسلام والتزموا الصلاة والصيام لكن امتنعوا من ترك الربا فبين الله أنهم محاربون له ولرسوله إذا لم ينتهوا عن الربا والربا هو آخر ما حرمه الله وهو مال يؤخذ برضا صاحبه فإذا كان في هؤلاء محاربين لله ورسوله يجب جهادهم فكيف بمن يترك كثيرا من شرائع الإسلام أو أكثرها كالتتار وقد اتفق علماء المسلمين على أن الطائفة   الممتنعة إذا امتنعت عن بعض واجبات الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها إذا تكلموا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلاة والزكاة أو صيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق أو عن الحكم بينهم بالكتاب والسنة أو عن تحريم الفواحش أو الخمر أو نكاح ذوات المحارم أو عن استحلال النفوس والأموال بغير حق أو الربا أو الميسر أو الجهاد للكفار أو عن ضربهم الجزية على أهل الكتاب ونحو ذلك من شرائع الإسلام فإنهم يقاتلون عليها حتى يكون الدين كله لله ]([14]).
والآن أجيب بعون الله عن الأسئلة الثلاثة الأولى
1-           ما الفرق بين الحركة والحكومة والدولة والنظام (مثلا حركة حماس وحكومة حماس)
هناك فرق بين الحركة والحزب والجمعية من جهة وبين الحكومات من جهة ثانية.
فالرضا والتوافق في الأحزاب والحركات والجمعيات أوضح ويمكن للمرء عند عدم موافقته على منهج أو طرح أو سياسة الحزب أو الجماعة الانسحاب دون أدنى تكلّف.
فمثلاً عندما تقوم جماعة أو حزب بالإعلان أنهم يرضون برئيس كافر ومنهج كفري قائم على الدولة المدنية والديمقراطية والتعددية والمواطنة يضع دستور الدولة أبناء الوطن بغض النظر عن دينهم فهي دعوة واضحة للتحاكم لمواضعات بين الناس وعدم الحكم بما أنزل الله فهذا يلزم جميع أفراد الجماعة ولا عذر لمن يبقى في هكذا جماعة والتعذر بأن القول يلزم الأمير فقط أو الناطق الرسمي فقط فهذا أمر تبنته الجماعة فإن كان الإنسان يراه كفراً ومنكراً فعليه في أقل الأحوال الإنكار بلسانه والانسحاب من هذه الجماعة إذا أصرت على ما تقول أو تفعل وبقاء الفرد في هذه الجماعة دليل على موافقته وبالتالي يلزمه الحكم المترتب على هذه الأقوال.
أما في حال الدول فلا شك أن كون فلان من الموظفين في الدولة لا يعني موافقته على جميع قرارات الدولة فمثلاً موظف النظافة أو الطبيب في المستشفى لا يلزم من كونه موظفاً في دولة تحكم بغير ما أنزل الله موافقته على الكفر ولكنه يأثم كونه من المعاونين البعيدين جداً أما ولو كان بهذا العمل وهو يرى أن ما تفعله الدولة من حكم بغير ما أنزل الله صحيح فهو من الطائفة الممتنعة وله حكمها هذا بخلاف أصحاب القرار كالوزراء والنواب وأجهزة الأمن والجيش وعمال الضرائب والجمارك والبلديات وكل الأجهزة التي تجبي المال للدولة وما شابه ويمكن أن يكون من الطائفة الممتنعة بالأصالة القيادة السياسية والقيادة التشريعية البرلمان وتوابعه والقضاء والمحاماة الذين يحمون وفق قوانين الدولة وحماة هذه الطائفة وهم الجيش وأجهزة الأمن وممولين هذه الطائفة مالياً كأجهزة الضرائب والبلديات والجمارك والمصانع التابعة للدولة وأي مورد مالي للدولة تتقوى به وأجهزة الإعلام والتعليم التي تنشر مبادئ الدولة والتي تشكل الطائفة الممتنعة فهذه الأجهزة متكاتفة فيما بينها هي التي شكلت الدولة الممتنعة أو الطائفة الممتنعة عن تطبيق الشرائع وحكمهم واحد حتى وإن كان الرضا ليس جلياً كما هو في الأحزاب والجماعات.

ولكن واصح أيضاً أن هذه الأجهزة تطوعت في الدولة بإرادتها وليست مكرهة الكره الشرعي. إلا ما يمكن أن يقال في المجندين وهو عذر ساقط لأنه بإمكانهم الفرار والسفر بل والمقاومة وعلى كل حال فالحكم الظاهري واحد وإن كان هناك من هو مكره إكراه حقيقي فلنا ظاهره الموالي للطائفة ويبعث على نيته
2-           متى نقول بأن الطائفة الممتنعة هي طائفة مرتدة ومتى تكون من جنس قطاع الطريق والخوارج 
أما متى نقول أن الطائفة مرتدة ومتى تكون من جنس قطاع الطريق والخوارج.
فبحسب الشريعة الممتنعة عنها.
فالدول التي تحكم بغير ما أنزل الله وتشرع من دون الله كافرة بالإجماع وتقاتل قتال المرتدين.
وأما إن كان هناك أهل قرية مثلاً متواطئون على التعامل بالربا مع إقرارهم بحرمته فالأصل أنهم يقاتلون على هذا ولكن ليس قتال ردة علماً أنه في الواقع الحالي هذا غير ممكن لسيطرة الدول على البلدان ومنع إنكار المنكرات بقوة الدولة ووجود شيء أهم من قتال هؤلاء وهو قتال الدولة المرتدة.
3-           متى يصبح قتال الطائفة الممتنعة قتال دفع ومتى يكون قتال طلب
الواقع الحالي للمسلمين أن قتال الطوائف الممتنعة كله قتال دفع لأن الطوائف الممتنعة عن تطبيق الشرائع محتلة لبلاد المسلمين قاهرتهم تفتنهم عن دينهم.
أما متى يكون قتال طلب فهو غير موجود الآن ومثاله أن تقوم للإسلام دولة ثم يتواطؤ أهل ناحية ما على التعامل بالربا فتجهز الدولة المسلمة لهم جيشاً وتقاتلهم إذا أصروا على تعاملهم الربوي.
يتبع


[1] - دقائق التفسير ج: 2 ص: 36
[2] - مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 312
[3] - دقائق التفسير ج: 2 ص: 35
[4] - مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 311
[5] - الفروع لابن مفلح - (ج 10 / ص 325)
[6] - فتح الباري لابن حجر (12/ 227)
[7] - مجموع الفتاوى ج: 30 ص: 326
[8] - الإيمان لابن منده (1/ 252) 116
[9] - السياسة الشرعية ج: 1 ص: 108 وما بعدها
[10] - مجموع الفتاوى ج: 11 ص: 468
[11] - مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 470وما بعدها
[12] - مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 503
[13] - مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 557
[14] - الفتاوى الكبرى ج: 4 ص: 353

2 التعليقات:

هل هذا دين الرحمة و السلام ام هو دين القتل و الاكراه.
جوابي في كلمتين و هو عبارة عن سؤال لمن له عقل.
هل سيزيد من ملك الله عز و جل شئ عند اكراه خلقه على الاسلام؟
و هل الله عاجز عن اكراه الخلق باية من اياته حتى يوكلكم نيابة عنه؟

قال النبي صلى الله عليه وسلّم : تُعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً فأي قلب أشربها نُكت فيه نُكتة سوداء وأي قلب أنكرها نُكت فيه نُكتة بيضاء حتى تصير القلوب على قلبين : على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مرباداً كالكوز مجخياً لا يعرف مَعروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه

الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله قال: " ... فأما النفاق الاعتقادي فهو ستة أنواع: تكذيب الرسول، أو تكذيب بعض ما جاء به الرسول، أو بُغْض الرسول أو بغض ما جاء به الرسول، أو المسرة بانخفاض دين الرسول، أو الكراهية بانتصار دين الرسول، فهذه الأنواع الستة صاحبها من أهل الدرك الأسفل من النار"

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.